بعد نتائج الجولة الأولى من الانتخابات و الصدمة الموجعة
التى تعرض لها شباب القوى الثورية تبعها حالة من الاحباط الشديد و هذا ما حدث معى تماماً
و منذ حينها عزفت عن القراءة و الكتابة و اشتريت زجاجة من الكحول"سبرتو"
لكى اقوم بحرق كل ما لدى من كتب و اوراق و ها هى الزجاجة واقفة امامى و انا اكتب
الأن و لسان حالها "ستتسخدمنى أم لا ؟؟؟!!!!" ، ولا اخفى عليك مازالت
الفكرة تدور فى ذهنى و لعلى انفذ خطتى
القذرة عند اعلان نتائج جولة الاعادة من الانتخابات الرئاسية التى ستفرز
لنا نظاماً قمعياً بلا شك.
لعل السبب الرئيسى الذى دفعنى لكتابة هذه السطور ما حدث
معى بعد منتصف الليل فبينما كنت جالساً مع أحد أصدقائى المقربين نصطاد سوياً فى
منطقة الازاريطة بالتحديد أمام "سوتير" كانت الساعة الثانية إلا ربع صباحاً من يوم
الخميس 14/6/2012
فوجئنا بصوت عالى "يالا يا ولا منك ليه..بسرعة يا ولا" فوجدنا مركب تحمل
شباب يقارب عددهم الثلاثين شاب..و استمر الرجل فى رصهم داخل المركب "شمال يا
ولا...انزل تحت يا ولا....بسرعة يا ولا منك ليه" ، كانت صدمة لم أتعرض لمثيلها
فى حياتى فكثيراً ما أسمع عن الهجرات غير الشرعية ولكن هذه أول مرة أرى إحدى
مراحلها، وهذا أيضاً كان حال صديقى فلم نكن نتخيل ما حدث ، ولقد بادر فى ذهنى
العديد من الامور كان اولها الاسلوب الذى يتم التعامل به مع الشباب "فاقدى
الامل فى هذا الوطن" فخيل لى اننى أشاهد احد الوثائقيات عن الحرب العالمية
الثانية لحظة القبض على الاسرى او فى احدى معسكرات الاعتقال الشهيرة أو اننى اشاهد
هذا الفيديو الشهير الذى لايتعدى اربعون ثانية عن الاسرى الاسرائيلين فى حرب 1973
و هم جالسين على الارض و لكن ما حدث مع واقعياً اننى كنت منذ ما يقارب 7 سنوات فى
محطة مصر و رأيت شباب جالس على الارض مستعدين لترحيلهم الى المعسكرات و كان يصرخ
فيهم العسكرى بنفس اسلوب التاجر"يالا يا ولا منك ليه....بسرعة يا ولا" اهكذا
نعامل فى بيتنا!!!!...معاملة الاسرى و المسجونين....لهذا الحد لا نستحق العيش
بكرامة؟؟؟
إذا كنا انتفضنا فى الخامس و العشرين من يناير عام 2011
و كان شعارنا "عيش..حرية...عدالة إجتماعية" بعد مرور "سنة وأربعة أشهر"
لم نحقق اى منها..فأين نحن الان؟؟؟ لقد كان لدينا كشباب حلم للمستقبل لكنه تبخر بمجرد
إعلان الاستفتاء الدستورى ثم هيمنة التيار الدينى على المجلس بغرفتيه ثم اختيار
رئيس الوزراء ثم الانتخابات الرئاسية و ما تخللهم من احداث مؤسفة لتصفية القوى
الثورية و كسر إرادتهم بداية من كشوف العذرية ثم احداث البالون ثم أحداث مجلس
الوزراء و الداخلية و اختتمت بأحداث العباسية.
لقد طالبنا بالديمقراطية لكن للأسف لم يكن التوقيت سليم
فماذا ننتظر من شعب اربعون بالمائة منه لا يعرف القراءة و الكتابة ناهيك عن نسبة المثقفين
من النسبة المتعلمة فنسبة الأمية الثقافية تصل إلى 90 بالمائة و نسبة الفقر تصل إلى خمسين بالمائة ، التربة غير صالحة
أبداً للزراعة فلا يعقل ولا يصلح ان نقوم بزراعة الأرز فى ارض صحراوية.
لقد استمر الحديث عن الاستقرار مرة اخرى بين الكثير من
فئات الشعب و تحسر الكثيرين على العهد البائد و لعلى لا أملك سوى الشفقة على هؤلاء
الذين يريدون العودة إلى الكابوس الذى استيقظنا منه.
و ظهرت او عاودت النغمة الدينية فى الظهور و كأننا شعب
فاسق لا يعرف دينه ، الشعب المصرى شعب ذو طابع عقائدى خاص منذ قديم الآزل منذ حضارتنا
التى تمتد إلى السبعة الآف عام فى وقت كان لا يوجد بجوارنا سوى رعاة غنم يعيشون فى
الصحراء القاحطة ، نحن مصريون أولاً و أخيراً و لنا الفخر..ببساطة لن تقدر
أن تسيطر علينا اى افكار وهابية متطرفة و إلا كانت سيطرت علينا القوى المستعمرة ،
و ظهر الانحطاط الاخلاقى و الثقافى على أعلى مستوياته و
جميعنا رصد هذه الظاهرة من أغانى هابطة "المهرجانات" و ظاهرة التحرش
التى أطلت علينا بوجهها البشع و لعل الكثير منا رصد وقائع لها أو تعرض لها أحد من
اقاربه و معارفه.
نحن فى أزمة حادة....نحن فى بلد نحتاج إلى اصلاح شامل و
مخطئى من يعتقد ان المشاكل ستحل بإنتخاب الرئيس...المشكلة أكبر من ذلك بكثير نحن
بحاجة إلى خمس سنوات على الاقل حتى نضع المبادئ و الاسس التى سوف نستمر عليها فى
المرحلة المقبلة و إذا وضعنا انفسنا على المسار الصحيح نكون بحاجة إلى عشر سنوات
حتى نجنى ثمار ما زرعناه أما الأن فنحن لا
نجنى إلا ما فعلته النخبة بنا...النخبة الى ابت ان تتحد فى مواجهة التيار الدينى و
النظام السابق و اكتفى كل واحد منهم بالمقابلات و عرض الاحلام الوردية الخاصة به و
لكنه كان لايريد سوى شئ واحد "رئيس مصر بعد 25 يناير" و كأنه هو الوحيد
القادر على الخورج من الازمة مثلهم مثل التيار الدينى الذى يريد ان يستحوذ على كل
شئ و مثل النظام البائد "الذى يحاول البعض إحيائه" الذى يسيطر على كافة
مرافق الدولة.
هذا هو وقت النخبة الجديدة التى رفضت أن تدلوا بدلوها فى
ظل النظام السابق او فى ظل النظام الدينى ، كل ما آمله ان لا ارى هذا المنظر البشع
للشباب الذى يلقى بنفسه فى عرض البحر من اجل الوصول إلى الحلم الذى طالما سعى إليه و لكنه اصطدم بالواقع فقرر أن
يبحث عن تربة أخرى يضع فيها قدميه لعله يفلح كام فلح أقاربه أو معارفه ممن هربوا
أو يلاقى وجه رب كريم تحت مبدأ "كده ميت و كده ميت..يبقى أموت بكرامتى،و عندما
أنطلقت المركب و أختفت عن انظارى ، رفعت يدى إلى السماء و قمت بالدعاء لهم
"يا رب نجيهم ويوصلوا بالسلامة و اكتبلهم الخير يا رب".
صدرحكم المحكمة الدستورية ببطلان عضوية من انتخب على
الأساس الفردى فى مجلس الشعب وبذلك تم بطلان التأسيسية مرة أخرى و هنا هل يأخد
المجلس العسكرى حق تشكيل التأسيسية و يصحح مساره بإشراك كافة القوى السياسية فى الجمعية
التأسيسية ؟؟؟؟
لقد نادينا بالدستور أولاً مراراً و تكراراً و بعد ان اضعنا ستة عشر شهراً من تاريخنا..ها هو الان وقت الدستور الذى
سيضعنا على الطريق الصحيح مرة اخرى و اتمنى ان يتم تشكيل الجمعية كما قلت سابقاً
باشراك كافة القوى الثورية و النخبة المصرية.
الدستور هو
الأمل المفقود فى الوقت الراهن
No comments:
Post a Comment