فى الحلقة الماضية توقفت عند بعض الحقائق الاقتصادية عن كوريا الجنوبية و فى حلقة اليوم سوف أعطى نبذة عن التاريخ السياسى و تاريخ الدستور الكورى
نبذة عن
التاريخ السياسى و الدستور
إتبعت كوريا فى الماضى حتى بدايات القرن التاسع عشر سياسة تنطوى على رفض
الخضوع لمطالب الدول الغربية القوية لإقامة علاقات دبلوماسية و تجارية معها مما
جعلها مطمع لكثير من القوى الإستعمارية و ما لبثت اليابان أن إنتصرت على كلاً من
الصين و روسيا حتى قامت بضم الأراضى الكورية إلى الامبراطورية اليابانية فى عام
1910م لتبدأ بذلك حقبة الاستعمار اليابانى لكوريا و قد إتبعت اليابان سياسة محو
الثقافة و منع إستعمال اللغة الكورية و على اثر ذلك قامت حركة الإستقلال فى
1مارس1919 ثم تشكيل الحكومة المؤقتة لجمهورية كوريا و وضع أول دستور لكوريا
الموحدة فى القرن العشرين عام 1919 و لكن الإستعمار اليابانى حال دون تطبيقه و
فشلت بذلك حركة الإستقلال الاولى و بعد هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية
تم منح الإستقلال لكوريا و إنتهى بذلك 35 عاماً من الإستعمار اليابانى و لكنها
قسمت إلى دولتين على اثر الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتى و الولايات المتحدة.
أصُدر أول دستور لكوريا الجنوبية بعد إنقسامها عن كوريا الشمالية فى عام
1948م و تمت صياغته بواسطة دكتور
"يو جين-اوه" و هو فى
الأساس مبنى على غرار نظام فيمار و الذى بواسطته يتم إنتخاب الرئيس بطريقة غير
مباشرة و تم تعديل الدستور ثمانى مرات تم
إعادة كتابته فى خمس منها و هى أعوام (1690-1962-1972-1980-1987).
ومع إصدار الدستور بدأت أول جمهورية فى كوريا برئاسة "سينجمان
لى " والذى إستمر فى الرئاسة لثلاث دورات و مع إقتراب انتهاء
ولايته الأولى فى1952 تمت التعديلات الأولى على الدستور متضمنة على أن يتم إنتخاب
الرئيس بطريقة مباشرة و على وجود مجلسين للتشريع و قد مررت التعديلات بعد حملة
إعتقالات للسياسيين المعارضين له بسبب رفضهم لنظام حكمه اثر الأسلوب القمعى الذى
إتبعه مع اليساريين و كل من خالف سياسته خصوصاً مأساة جزيرة جيجو التى قتل على
أثرها ما يفوق ثلاثين ألف بواسطة قوات الشرطة.و نجح فى إنتخابات الرئاسة بنسبة 74%
و فى عام 1954 تم إجراء تعديلات أخرى أهمها إلغاء مدد الرئاسة المحددة و التأكيد
على تبنى سياسة الإقتصاد الرأسمالى.و فى إنتخابات الرئاسة فى 1960 نجح بنسبة 90% و لكنه ضمن الفوز بعد وفاة منافسه الرئيسى "شو
بيونج-أوك" قبل
الإنتخابات بفترة قصيرة.ولكن حكمه لم يدم طويلاً فقد أراد المجئ بصديقه "لى
جيبونج" كنائب له وقد
كان المرشح الأخر لمقعد النائب "شانج ميون"و كان يعمل سفيراً لكوريا لدى الولايات المتحدة أثناء
الحرب الكورية. و قد نجح "لى جيبونج" بفارق ساشع و اعلن "شانج ميون" أن الإنتخابات تم تزويرها.و إنطلقت موجة من الغضب الشعبى إثر إطلاق الشرطة
للنار على المتظاهرين فى ماسان و قاد الطلاب حركة 19 إبريل الإحتجاجية و أجبروا "سينجمان لى" على الإستقالة فى السادس و العشرين من إبريل 1960 و
بالإضافة إلى كونه السبب فى الإحتجاجات الشعبية تم إتهامه بإختلاس ما يزيد عن 20
مليون دولار من الأموال العامة. و فى الثامن و العشرين من إبريل 1960 وعلى متن
طائرة تابعة للمخابرات المركزية الامريكية تم
ترحيله هو و زوجته و إبنهما إلى المنفى فى هاواى.
و بدأت
الجمهورية الثانية فى الثانى عشر من أغسطس 1960 مع إنتخاب "يون
بو-سيون" رئيساً للبلاد ولكنه كان رئيس صورى حيث كانت الجمهورية
الثانية أكثر ديمقراطية فتم التحول إلى النظام البرلمانى من أجل تقليص صلاحيات
الرئيس و مع الإنقلاب العسكرى فى السادس عشر من مايو 1961 بواسطة "بارك
شونج-هى"أحد جنرالات الجيش الكورى متحالفاً مع "يون
بو-سيون" و إنتهت الجمهورية الثانية و فى التاسع عشر من يونيو
1961 تم إنشاء وكالة الإستخبارات المركزية الكورية من أجل منع الإنقلابات المضادة
و قمع كل من هو مشتبه به و بذلك إستمر"يون بو-سيون"فى منصبه من أجل بإسم الشرعية إلى أن تقدم بإستقالته فى
الثانى و العشرين من مارس 1962 و قد تم
إعادة صياغة الدستور مضافاَ إليه بعض التعديلات المشابهة لدستور الولايات المتحدة
و قد إستمرت كوريا تحت حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى إعلان الجمهورية
الثالثة فى 1963 تحت ضغوطات من الحكومة الأمريكية برئاسة "جون
كينيدى" آنذاك و قد جرت الإنتخابات الرئاسية و فاز "بارك
شونج-هى" متفوقاً على "يون بو-سيون" و فى عهده إنتعشت البلد إقتصادياً و يعود ذلك إلى توقيع
إتفاقية العلاقات الأساسية مع اليابان فى 1965 وسط سخط شعبى ما لبث أن زال سريعاً
مع تدفق رأس المال و التكنولوجيا اليابانبة ، المعونة الأمريكية لتطوير البنية
التحتية و الصناعات الثقيلة فى كوريا الجنوبية
، تعاون الدولة مع العديد من الشركات الكورية لزيادة حجم الصادرات الكورية
، إنشاء العديد من الاجهزة الأقتصادية
"هيئة التخطيط الإقتصادى – وزارة التجارة والصناعة - وزارة المالية" و قد تم إعادة إنتخابه
فى عام 1967 متفوقاً مرة اخرى على "يون بو-سيون" و قد تم تعديل الدستور
عنوة من جانب المجلس الوطنى من أجل إلغاء مدد الرئاسة و انتخب مرة ثالثة فى عام
1971 متفوقاً على "كيم دا-جونج"
-الذى أصبح رئيساً للبلاد فى 1998م ، و ما لبث
"بارك شونج-هى" حلفه
لليمين حتى أعلن حالة الطوارئ فى البلاد و
فى أكتوبر 1972 قام بحل البرلمان و قام بتعطيل الدستور ، متمشياً مع ما فعله "فرديناند
ماركوس" فى سبتمبر 1972،وتم وضع دستور جديد "دستور
يوسين"، و فى ديسمبر 1972 تم العمل بالدستور الجديد من خلال إستفتاء شعبى مزور ، و قد أعطى دستور
يوسين العديد من الصلاحيات الضخمة للرئيس فكان ينص على ان يتم إنتخاب الرئيس لفترة
ست سنوات دون مدد محددة ، يقوم الشعب بإنتخاب ممثلين لهم للمؤتمر الوطنى للوحدة و
هو عبارة عن هيئة إنتخابية وظيفتها إنتخاب الرئيس ، شروط الترشح للرئاسة كانت
مستحيلة على أى فرد غيره ، له الحق فى تعيين عدد كبير من أعضاء المجلس الوطنى و قد
إنفرد حزبه "الحزب الديمقراطى" بالسلطة و بهذا بدأت الجمهورية الرابعة
فى 1972 بمجرد تفعيل الدستور و بهذا ضمن لنفسه كرسى الرئاسة فتم إنتخابه مرتين عام
1972 و عام 1978 دون وجود مرشحين محققاً نسبة 99.91% ،99.96% على التوالى ، و بعد
محاولتين فاشلتين لإغتياله فى
(1968،1974) نجحت الثالثة فى 1979 على يد "كيم
جى-كيو" أقرب أصدقائه و مدير وكالة الإستخبارات الكورية المركزية آنذاك ناهياً
بذلك ست عشر عاماً من حكم "بارك شونج-هى".
و بعد
إغتيال "بارك شونج-هى"
تولى رئيس الوزراء"شوى
كيو-هاه" آنذاك الفترة الإنتقالية "1979 - 1980" و وعد
بإقامة إنتخابات ديمقراطية و وضع دستور
جديد يحل محل دستور يوسين ، و فى نهاية عام 1979 قام اللواء"شون
دو-هوان" و أصدقائه المقربين فى الجيش بعمل إنقلاب عسكرى و عزلوا
قائد الجيش و فى أوائل 1980 قاموا بالسيطرة على
الحكومة و قام الرئيس "شوى
كيو-هاه"بتعيين "شون دو-هوان" كرئيساً لوكالة الإستخبارات المركزية و فى مايو
قام"شون دو-هوان" بإعلان
الأحكام العرفية و أصبح كذلك هو الحاكم الفعلى للبلاد ، و تصاعدت الإحتجاجات
الطلابية فى كلاً من سيول و جوانجو و
إستمرت الإحتجاجات فى جوانجو ، و أسفرت عن مقتل ما يقارب 987 مدنى بواسطة قوات شون
العسكرية فيما عرف بمأساة جوانجو . وتقدم شوى بإستقالته و فى مؤتمر الوحدة الوطنى
فى السابع و العشرين من أغسطس 1980 قامت اللجنة الإنتخابية بإختيار
"شون
دو-هوان" كرئيس للجمهورية و كان هو المرشح الوحيد و أصبح شون هو الرئيس فى الأول من سبتمبر 1980، و فى اكتوبر 1980 أمر بحل الأحزاب
السياسية عنوة حتى يضمن للحزب الجمهورى الديمقراطى السيطرة التامة و فى يناير1980
أسس شون حزب العدالة الديمقراطى و لم يكن إلا حزب جمهورى ديمقراطى و لكن تحت مسمى أخر و تم
وضع الدستور الجديد فى 1980 و تم تقليص صلاحيات الرئيس و كان الدورة الرئاسية سبع
سنوات فقط ولا يمكن تمديدها و لكن إستمرت فى يده صلاحيات مهمة و يتم إنتخاب الرئيس
بطريقة غير مباشرة و نص على وجود مجلس تشريعى و مجلس وزراء و تقدم شون للإنتخابات
الرئاسية و فاز بها فى فبراير 1981 و بدأت
الجمهورية الخامسة و تعرض شون لمحاولة إغتيال فاشلة فى 1983 وقبل نهاية فترة ولايته
وفى خطبته المسماه "الدفاع عن الدستور" أعلن انه وفقاً للدستور الحالى
سيقوم بتسليم السلطة إلى أحد مؤيديه العسكريين فى فبراير 1988 معتمداً على طريقة
الإنتخاب غير المباشر عن طريق اللجنة الإنتخابية كما أنتخب هو ، و لكن هذا الخطاب أغضب
المجتمع الديمقراطى و بالإضافة إلى العديد من الفضائح التى تخص حكومة شون بدأ المحتجون حركتهم مرة اخرى بداية من خطبة فى
الكاتدرائية الإنجيلية الأسقفية بسيول مما ادى إلى إندلاع حركة يونيو الديمقراطية
التى ادت إعداد الدستور عن طريق لجنة تأسيسية و تم الإنتهاء منه فى 12 اكتوبر 1987
و عرض للإستفتاء العام فى 28 اكتوبر و وافق الشعب على الدستور بنسبة 93%إلى و تم
إجراء أول إنتخابات رئاسية بواسطة الشعب منذ ثلاثون عاماً و تم إنتخاب
"روه
تاى-وو" رئيساً للبلاد و تسلم الحكم فى الخامس و العشرون من
فبراير 1988 و وبدأت الجمهورية السادسة التى مازالت حتى يومنا هذا .
هيكل الدستور
يتكون
الدستور من 130 مادة بالإضافى إلى الأحكام التكميلية و يتم توزيعها كالآتى :
1-المقدمة.
2-الباب
الأول "الأحكام العامة".
3-الباب
الثانى "حقوق و واجبات المواطنين".
4-الباب
الثالث "المجلس الوطنى".
5-الباب
الرابع "السلطة التنفيذية".
6-الباب
الخامس "القضاء".
7-الباب
السادس "المحكمة الدستورية".
8-الباب
السابع "إدارة الإنتخابات".
9-الباب
الثامن "الحكم الذاتى المحلى".
10-الباب
التاسع "الإقتصاد".
11-الباب
العاشر "التعديلات الدستورية".
12-الأحكام
التكميلية.
و ينص
على أن السلطة التنفيذية يرأسها الرئيس و رئيس الوزراء ، السلطة التشريعية تتمثل
فى المجلس الوطنى ، السلطة القضائية تتكون من المحكمة الدستورية و المحكمة العليا
و المحاكم الأخرى التى تتبعها.
يتم
إنتخاب الرئيس بطريقة مباشرة و لمدة واحدة قدرها خمس سنوات ،يتم تعيين رئيس الوزراء
بواسطة الرئيس بموافقة من المجلس الوطنى مع انه الدستور لا ينص على ذلك و يقوم
الرئيس بتعيين أعضاء مجلس الوزراء.
يتألف
المجلس الوطنى من 299 عضواً منتخبين و مدة المجلس أربع سنوات ، رئيس المحكة العليا
يتم تعيينه بواسطة الرئيس ،و يعلن الدستور أن كوريا الجنوبية هى جمهورية ديمقراطية
و يتكون إقليمها من شبه الجزيرة الكورية و الجزر المتآخمة معها.
فى الحلقة القادمة ترجمة الباب الأول و الثانى من دستور كوريا الجنوبية
Mohamed Abdelnaby
No comments:
Post a Comment